إحتفال القدماء بطقوس بوجلود بيلماون
كيف كان يحتفل القدماء بطقوس بيلماون؟
▪︎ إن أقدم شهادة تاريخية على الإطلاق تصور لنا ظاهرة بوجلود/ بيلماون والاحتفالات المرافقة لها... هي شهادة بلين Plin L'ancien المؤرخ والجغرافي والفيلسوف الطبيعي الروماني الذي عاش بالقرن الأول الميلادي....
▪︎ بيلماون ليس مجرد حدث احتفالي سافر... بل هو عادات طقوسية دينية... لها شكلها... وهذه الشهادة ستساعدنا كثيرا على معرفة الطريقة القديمة والعتيقة لهاته الطقوس.. ولما لا إعادة إحياءها بنسختها الأصلية..
▪︎هذه العادات الدينية التي وثقها بلين من خلال شهادته قد ذكرها وهو يتحدث عن رهبة جبال الأطلس الدينية.. فقال:
▪︎ "" إنها تتألق في الليل بألف شعلة وتتصادى فيها أصوات آلهة الرعاة Egipans والساتريين Satyres النافخين في المزامير والضاربين على الطبول.. فكيف نستغرب للرهبة الدينية تستولي على من يقترب من تلك الأماكن؟.. ""
▪︎هذه الشهادة تؤكد بأن جبال الأطلس كانت تعرف جوا روحانيا كثيفا ومفعما بالزخم الديني.. بل وترافقه إحتفالات كبرى ومهيبة.. أي أن هذه المعتقدات القديمة كانت شعبية أنذاك وتوفر لها جميع الإمكانات الممكنة!
▪︎يذكر بلين Plin بأن هذه الإحتفالات كانت تتم ليلا.. وتزين هذه الإحتفالات المقدسة ما يقرب ألف شعلة.. وهذا يعطي فكرة عن عدد الحضور الجماعي الكثيف.. في جو موسيقي بالإعتماد على المزامير والطبول.. ولكم أن تتخيلوا الأمر..
▪︎وما يهمنا أكثر هو ذكره لما يسمى : Egipans وبحسب المعتقدات القديمة فقد كانوا مخلوقات خيالية مخيفة.. يتم تصويرهم على أنهم رجال قصار ومشعرين ولديهم قرون وأقدام ماعز.. وقد اعتقد الرعاة أنهم قد رأوا هذه الوحوش البشرية تقفز على الصخور وعلى سفوح التلال وتختفي بالكهوف المظلمة..
▪︎ ثم تحدث عن الساتريين Satyres وهم مخلوقات خيالية لها ملامح تشبه ملامح الماعز... بما في ذلك ذيل الماعز.. وآذان الماعز.. وهي من القوات المرعبة المصاحبة لإله المراعي والصيد البري.. والأحراش المسمى: بان Pan/ وديونيسوس Dionysos إله الخمر وملهم طقوس الابتهاج والنشوة..
▪︎ومن هنا نستنتج أن الأطلسيين كانوا يرتدون جلود الماعز ضمن هذه الإحتفالات المحتفية بالرعي والرعاة.. متمثلة بذلك بالمخلوقات المرعبة والخطيرة التي كانوا يعتقدون بأنها تهدد قطعانهم ومراعيهم.. كنوع من طلب الحماية منها..
▪︎ نضيف بهذا الباب شهادة ماكسيم دي تير Maxime de Tyr الفيلسوف اليوناني الذي عاش بالقرن الثاني الميلادي.. والذي يؤكد الطابع القدسي والرهبة الدينية لجبال الأطلس..
▪︎ "" الأطلس معبد وإله معا.. وقد اخد القديس أغسطينوس أتباعه بعادتهم في تسلق الجبال ليكونوا قريبين إلى الله.. ""
▪︎ نفهم من هذه الشهادة.. أن قوة جبال الأطلس هو في قيمتها الدينية.. ونفهم أنه معبد طبيعي... ونفهم أيضا أن أي نوع من الإحتفالات المقدسة والطقوس كان لزاما أن يتمتع بتوقير وتقديس مضاعف للمكان.. ونفهم كذلك استمرار العادات والطقوس الخاصة بهذه الجبال إلى الفترة المسيحية ودليلنا هو ذكر القديس أغسطينوس..
▪︎ ومن جهته يشير القديس أثناسيوس St Athnasieus الذي عاش خلال القرن الرابع الميلادي.. بأن الليبيين كانوا يسمون الشاة التي يعبدونها باسم أمن.. ونقل المؤرخ Joleaud عن Macrobe بأن الليبيين كانوا ينعتون قرني الكبش بالإله أمون..
▪︎ ونفهم من هذه الشهادات أن موضوع التقديس لم يكن لصنف الماعز فقط... بل لصنف المواشي الأخرى.. وعلى رأسهم الكبش.. وأن المعتقدات بهذا الصدد.. تختلف من حيث موضوع الإحتفالات.. أو الطقوس.. لكنها تتوافق من حيث شكلها.. خاصة وأن أكبر آلهة الأهالي الأمازيغ القدامى كان عبارة عن إله ذي طابع يمزج بين إله كبش وإله شمسي.. كما تشير بعض النقوش والرسوم الصخرية المنتشرة في عدد من مناطق شمال افريقيا..
▪︎ ونستدل هنا شهادة Gsell المؤرخ [ المتوفي سنة 1932] أنه يكاد يكون لكل قبيلة ليبية كبشها المقدس الخاص بها.. وأن النظر إليه لم يكن في متناول الجميع.. بل كان له كهنة يحيطونه بأساطير خيالية تضفي عليه هالة من القداسة.. وتجعله مهابا من الجميع...
▪︎ ومن الواضح أن هذه التمثلات القديمة لا تزال حاضرة ومستمرة إلى اليوم ببعض البوادي المغربية.. وبالأخص تلك التي تتحدث عن مخلوقات نصف بشرية بأرجل حيوانية مثل الماعز.. أو صاحبة قرون.. تطوف وتجول ليلا لترعب المارة ولتخويف الأطفال.. ونسائية أحيانا.. والتي يمكن إعتبارها إستمرارا لهذه المعتقدات وإن تغير شكلها وأساميها..
▪︎ مصادر :
https://www.dicoperso.com/term/adb0aeb1acb0a857,,xhtml
▪︎ غابرييل كامب
كتاب البربر "ذاكرة وهوية"
نسخة اللغة العربية.. ترجمة: عبد الرحيم حزل..
الصفحة : 241..
http://www.cosmovisions.com/$Satyres.htm
▪︎ مقال لجمال بامي و هو باحث انتروبولوجي.. بعنوان : أصل طقس “بوجلود” الذي يحتفل به المغاربة في عيد الأضحى..
https://bit.ly/3iBZiYb
▪︎ يقول Maxime de Tyr الفيلسوف اليوناني الذي عاش بالقرن الثاني الميلادي :
▪︎" أن الأطلس معبد وإله معا.. وقد اخد القديس أغسطينوس أتباعه بعادتهم في تسلق الجبال ليكونوا قريبين إلى الله.. "
المصدر: غابرييل كامب.. كتاب البربر "ذاكرة وهوية"
نسخة اللغة العربية.. ترجمة: عبد الرحيم حزل.. الصفحة : 241..
تعليقات
إرسال تعليق