الضيافة لدى أهل إحاحان



انطلاقا من الرحلة التي قام بها حسن الوزان الفاسي الى بلاد احاحان خلال بداية القرن السادس عشر ميلادي 1514 م. و التي زار من خلالها العديد من المدن التي كانت انذاك تقع بذلك الاقليم، سأحاول دراسة بعض مظاهر الضيافة المتمثلة في الجود و الكرم و ايواء الغرباء واطعامهم التي يتصف بها اهل احاحان و ذلك اعتمادا على شهادة ليون الافرقي
يقول حسن الوزان خلال زيارته لمدينة #تدنسيت:
".... و لا يوجد في اي مكان من هذه المدينة فندق ولا حمام و لا دكان حلاق، فاذا جاء احد التجار الغرباء نزل عند صديق او شخص يعرفه، و ان لم يعرف احداً اقترع اعيان المدينة لاضافته. وهكذا يجد جميع الغرباء منازل لهم، وهؤلاء القوم يسرهم ان يكرموا كل غريب. حقا ان على كل ضيف من الغرباء ان يقدم عند انصرافه بعض الهدايا لمضيفه اعترافا بالجميل. وان جاء مسافر من غير التجار كان له حق اختيار مكان نزوله عند من يروقه من الاعيان دون ان يؤدي ثمنا او يقدم هدية و اذا اتفق مجيء فقير غريب اسكنوه في ملجأ خاص بايواء الفقراء و اطعامهم......"
يظهر من خلال شهادة الوزان ان اهل مدينة #تيدنست يولون اهمية كبرى لإيواء الضيف و اكرامه سواءا كان تاجرا او شخص من العوام اضافة الى انهم يعطون للتجار المسافرين حق اختيار مكان نزولهم عند من يروقهم من الاعيان دون ان يقدموا ثمنا مقابل ذلك,
اما بالنسبة للعامة من المسافرين فقد قام اهل المدينة ببناء ملاجئ
خاصة بايوائهم و اطعامهم. و كان للتجار الغرباء اهمية كبرى لدى سكان تدنست والسر وراء ذلك ربما يكمن في رغبة السكان في ازهار التجارة بمدينتهم خاصة تجارة القماش المستعمل و نسيج الكتان المستورد من البرتغال و ربما تحقق مراد السكان حيث يذكر الوزان ان مدينة تدنيست في تلك الفترة كانت تعج بدكاكين التجارة .
و يضيف ليون الافرقي خلال رحلته الى مدينة #تسكدلت
"...و لسكان تسكدلت عادات حسنة فيما يتعلق بالكرم و المجاملة: فحراس الابواب مكلفون باستفسار كل غريب جاء الى المدينة عما اذا كان له من صديق فيها فإذا اجاب بالنفي كان على هؤلاء الحراس ان يضيفوه بحيث ان كل غريب يلقى هناك استقبالا حسنا و لطيفا دون ان يؤدي شيئا....."
لا يختلف اهل #تسكدلت كثيرا عن بني جلتدهم اهل #تدنيست فيما يخص اكرام الضيف و ايواء الغرباء واطعامهم، فالأهالي قاموا بتكليف الحراس بضيافة اي غريب و أي عبير سبيل و استقباله استقبالا حسنا و لطيفا دون ان يؤدي ثمنا مقابل ذلك بمعنى ان الضيافة كانت بالمجان ربما لأن سكان المدينة يرغبون في كسب ود التجار و استقطاب اكبر عدد ممكن منهم بغرض ازدهار التجارة بمدينتهم و كذلك الظفر بالمنتوجات الغربية خاصة التي تأتي من السواحل التي كانت انذاك تحث السيطرة البرتغالية ( اسفي. اكادير. الجديدة. ازمور....). أو ربما لكون سكان هذه المدينة لا يمتهنون التجارة و يقتصرون على الفلاحة فقظ و كانوا في أمس الحاجة الى التجار حيث يذكر الوزان ان
" .... هؤلاء اغنياء جدا و يملكون عددا مهما من الخيول و يجري تحث المدينة نهر تنتشر من حوله حدائق فيها جميع انواع الأشجار..."
استمر الوزان في رحلته يستكشف اهل احاحان و طباعهم و يسجل كل ما يراه من وصف للسكان و نمط عيشهم و بما تزخر به المناطق التي زارها و هذه المرة الوزان سيحط الرحال بمدينة تفتنة او #تفظنة حيث يقول:
"....أما اهل هذه المنطقة كغيرهم من أهل مدن حاحا يضعون للضيف و الغريب مكانة خاصة عندهم أحيانا تفوق قيمة الضيف قيمة أهل المكان انفسهم و كانوا يتوفرون على منزل كبير خاص بايواء الضيوف و الغرباء الا ان الاهالي يتهافتون على الغرباء من اجل ضيافتهم في منازلهم الخاصة...."
اعتمادا على كل ما قاله حسن الوزان في كتابه و صف افريقيا في حق سكان منطقة احاحان خلال القرن السادس عشر فإن هؤلاء القوم كرماء و يكرمون الضيف احسن تكريم من خلال استقبالهم في منازلهم الخاصة أو ايوائيهم في المنازل و الملاجئ الخاصة بالإيواء و لا شكل أن اهل تلك المنطقة يقدمون ما لذا و طاب من الاطعمة و الفواكه للضيوف خاصة العنب و التين و اللوز و زيت الهرجان ( الاركان) كما يسميه الوزان اضافة الى لحم الماعز الذي تشتهر به تلك المنطقة نظرا لتوفره بكثرة، و ما زال أهل احاحان يسلكون نفس اتجاه اسلافهم في ما يتعلق بخصال الجود و الكرم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سوس او بلاد جزولة

من هم الجيتول

قبائل إمجاض

معركة بقدورة : إنهزام جيش العرب أمام الأمازيغ

كليوباترا سيليني زوجة يوبا الثاني

شدارات من التاريخ السياسي لجزر الكناري

تمرد قبائل إحاحان على السلطة المخزنية