اللغة الأمازيغية كانت رسمية في الأندلس الموحدية
▪︎ من المعروف أن جميع السلالات التي حكمت المغرب كانت بشكل أو بآخر تستعمل اللغة الأمازيغية كلغة تعبير نطقا وكتابة.. وتتعدد الأمثلة والشهادات بالعشرات... والحديث هنا عن امتداد زمني طويل... يبدأ من ظهور أولى مقومات الدولة الموريطانية في العصر القديم إلى حدود القرن 17م.. حيث كانت إمارة إيليغ السملالية لا تزال تعتمدها...
▪︎ غير أن درجة الترسيم تختلف وتتدرج بين سلالة وأخرى... فأحيانا نجدها اللغة الوحيدة المعتمدة كما هو الحال بالنسبة للممالك القديمة وبورغواطة.. بينما نجد ازدواجية لغوية أمازيغية-عربية لدى معظم دول الفترة الوسيطية.. في حين اقتصر استعمالها لدى البعض كلغة تواصل يومي فقط.. وفي أسوأ الأحوال إذا اعتبرنا المغرب حُكِم من طرف 11 سلالة كبرى فإن 10 منها كانت تعتمد الأمازيغية كلغة تواصل في البلاط الملكي!
▪︎ لكن الحالة الفريدة تظهر في العناية التي أولتها الدولة الموحدية للغة الأمازيغية في عهدها... والدرجة المتقدمة من الترسيم الذي كانت تتمتع به... فيخبرنا صاحب الحلل الموشية أن اللغة الأمازيغية كانت تتمتع بمكانة مساوية للغة العربية [1]... غير أن وثائق تاريخية أخرى تكشف لنا وضعا آخر... فإتقان الأمازيغية كان من شروط تقلد المناصب العليا.. كما هو الحال بالنسبة لإمام فاس مهدي بن عيسى الذي تم عزله لكونه لا يجيد الأمازيغية. [2]
▪︎ يظهر من خلال هذه الحادثة أن الأمازيغية لم تكن تتمتع بمكانة مساوية فقط... بل بالأفضلية لانها شرط لا غنى عنه لتولي الخطابة...
▪︎ موقف مبهر آخر يدعم هذا الطرح يحدثنا عنه ابن صاحب الصلاة في كتابه تاريخ المن بالإمامة.. وبصفته أحد الحاضرين في قصر الموحدين في إشبيلية خلال حفل الإستقبال الرسمي الذي جرى في 7 أبريل 1173. [3]
▪︎ فبعد الإنتصار العظيم الذي حققه الجيش الموحدي على جيش قشتالة-ليون الذي أغار على الأرياف خارجا من مدينة آبلة.. كان على القادة العسكريين المثول أمام الخليفة الموحدي لتقديم تقاريرهم.. يقول ابن صاحب الصلاة:
[ فخطب الشيخ الزاهد أبو محمد عبد الواحد بن عمر أولا باللسان الغربي فأعرب فيه للموحدين في لسانهم و بيانهم، ثم شرح ذلك باللسان العربي لأهل شأنهم (الأندلسيين)... ]..
▪︎ والمقطع شديد الوضوح خصوصا مع اللغة البسيطة لابن صاحب الصلاة.. ويظهر من خلاله أن الخطب المنطوقة "باللغة الأمازيغية" لها الأسبقية على تلك المنطوقة باللغة العربية... وهذا بيان على الأولوية التي كانت للغة الأمازيغية بالأندلس على غرار باقي المغرب.. وبها كانت تتم الأنشطة الرسمية و بها تم تسيير الحياة السياسة و العسكرية...
المصادر
[1] الحلل الموشية، Zakkar et Zamama، 1978، ص109-110.
[2] ابن أبي زرع الفاسي، الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس، عبد الوهاب بن منصور، 1999، ص87.
[3] ابن صاحب الصلاة، تاريخ المن بالإمامة، التازي، 1987، 434...
تعليقات
إرسال تعليق