حرب الملك الأمازيغي بوكود مع الرومان

تصدي الملك الأمازيغي بوگود للرومان في معركة  أَسْكُورُومْ   

▪︎ يكاد يكون الجَزْمُ ممكنا.. بأن معركة أَسْكُورُومْ Battle of Ascurum هي أكثر حدث تاريخي لم ينل حقه في كتب التاريخ التي تناولت أخبار المغرب القديم... بل إننا نسجل إهمالا غريبا في حقها من طرف أغلب الأكاديميين والمؤرخين أنفسهم.. ناهيك عن الهواة وعامة الناس.. الذين لا يكادون يعرفون شيئا عن هذه المعركة.. رغم أنها كانت لحظة حرجة وخطيرة.. كاد يتعرض فيه المغرب_القديم لغزو روماني مبكر...

▪︎ نقرأ عن معركة أسكوروم في مؤلف "الحرب الإفريقية" لقيصر [Caesar, African War].. وقد حدثت في أواسط سنة 46 قبل الميلاد.. وفي هذا الزمن كانت مملكة موريطانيا تتضمن قسمين.. أولهما في الشرق تحت نفوذ بوكوس الثاني Bocchus 2.. والثاني في الغرب تحت حكم بوگود Bogud حيث حدثت المعركة... 

▪︎ كانت هذه المواجهة حدثا جانبيا ضمن سياق الحرب الأهلية العظمى Civil_War التي امتدت من 49 إلى 45 ق.م.. وكانت صراعا سياسيا-عسكريا عرفت أثناءه الجمهورية الرومانية مواجهات عسكرية بين الجمهوريين بقيادة بومبي Pompey.. وأتباع يوليوس قيصر Caesar وقد فضلت مملكة موريطانيا تأييد القيصريين بينما قررت

نوميديا [ضمن تونس القديم] القتال إلى جانب بومبي.. 

▪︎ اذ بعد أن خسر أتباع بومبي معظم محاولات توطيد نفوذهم في إفريقيا.. ظل حكمهم متزعزعا في ظل القوات العسكرية الرئيسية المحدودة التي توفروا عليها.. وكانت هذه الأخيرة تتمركز في أوتيكا.. تحت إشراف كاتو الأصغر وگانيوس بومبي Pompeius_Magnus [ابن بومبي الأكبر]...

▪︎ كان كاتو Cato_the_Younger عدوا صريحا لمملكة موريطانيا.. كونها كانت تعارض حكم الجمهوريين.. لهذا كان حريصا على إقناع گانيوس بومبي بشن حملة ضد أراضيها.. ونجح في ذلك بعد تذكيره بإنجازات والده في نفس العمر... وهكذا أصدر گانيوس قرارا بالإستعداد لغزو موريطانيا.. ووقع الإختيار على الجزء الغربي الذي كان يحكمه بوگود.. 

▪︎ أبحر الأسطول الجمهوري عبر البحر الأبيض المتوسط نحو مناطق نفوذ بوگود.. وتحديدا نحو مدينة ساحلية تحمل إسم "أسكوروم".. لكن بينما لا زال جيش بومبي في طريقه.. أوصل الجواسيس إلى سلطات المدينة خبر الهجوم الوشيك.. فقرروا تطبيق خطة عسكرية تقضي بالتظاهر بالجهل التام لأي معلومة عن الهجوم المباغث.. وبالمقابل القيام بنصب كمين للجيش الروماني الجمهوري... وبعد أن قام الرومان بالإرساء و إخلاء السفن.. نظموا القوات ثم تقدموا نحو أسوار المدينة تمهيدا لاقتحامها... 

▪︎ وهكذا حدثت المعركة من جهة بين قوة من 2000 مقاتل تابعة لأركان الجيش الروماني الجمهوري من قاعدة أوتيكا.. مجهزة ب30 سفينة...بقيادة گنايوس بومبي.. ومن الجهة الأخرى حامية عسكرية مجهولة العدد.. تابعة لأحد الفيالق المنتمية للجيش الملكي_الموري بقيادة ضابط مجهول كانت تقوم بتأمين و حراسة المدينة...

▪︎ وعندما اقتربت صفوف الرومان من أسوار المدينة.. لم يكونوا يتوقعون أنهم وسط كمين محكم.. وهكذا ظهر المقاتلون_الموريون من العدم و تم تفعيل الكمين بنجاح.. ولم يصمد الرومان طويلا نتيجة التطويق الذي تعرضوا له وسرعان ما استشعر بومبي وجوب الإنسحاب.. وبالفعل انسحب بعد فشل هذه العملية.. وانتهت المعركة بانتصار باهر وكاسح للأمازيغ_المور القدماء.. 

▪︎ لم يستسغ بومبي الهزيمة النكراء التي تعرض لها.. وشعر بالعار.. بل إنه لم يجرؤ على مواجهة كاتو بحقيقة فشل غزو موريطانيا... وهكذا فر إلى جزر البليار.. ثم إلى إسبانيا لاحقا.. حيث سيشارك في معركة_موندا [Battle of Munda March 17- 45 BC] وسيلقى حتفه فيها.. وهي نفس المعركة التي سيشارك فيها الملك بوگود شخصيا.. ولعب فيها دورا حاسما بعد مناورة تكتيكية حطمت مؤخرة الجيش الجمهوري مسببة انهيار نواة الجيش...

▪︎ وهكذا إذن فاز بوگود في معركة أسكوروم Ascurum ونجح في دفع خطر الأعداء من الرومان عن مملكته.. ووضع حدا لأطماع الجمهوريين في هذا الجزء من إفريقيا...

▪︎ المصادر والمراجع:

▪︎ 1/ Dictionary of Greek and Roman Biography and Mythology, Volume 3, by: William Smith, (1849)

 p 489.

▪︎ 2/ Caesar, African War 7,36